بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله وكفى والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
دين الإسلام هو النصيحة
من أهم مزايا هذا الدين الحنيف النصيحة، وهي من منهج الأنبياء في دعوتهم لمن بعثوا إليهم. ففي الصحيحين وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم: (الدين النصيحة قلنا لمن قال لله ولكتابه ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم).
قال أبو المحاسن الحنفي عن حديث (الدين النصيحة): "لا يخالف هذا قوله تعالى {إن الدين عند الله الإسلام}، لأن النصيحة من الإسلام، ويجوز إطلاق الإسلام عليه لمكانها منه، كما يقال: الناس العرب وفيهم غير العرب، لجلالة العرب وامتيازهم عن سائر الناس بالخواص التي فيهم، فجاز أن يقال هم الناس". انظر معتصر المختصر (2/288).
النصيحة منهج الأنبياء.
قال تعالى حاكيا عن نوح صلى الله عليه وسلم وقومه في سورة الأعراف: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ ....الى قوله....أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنْ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ(62) }.
وقال عن هود صلى الله عليه وسلم وقومه في نفس السورة: {وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ....إلى قوله.....أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ(68)}.
وقال عن صالح صلى الله عليه وسلم وقومه في نفس السورة: {فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَاقَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ} (الأعراف 79).
ويروى أن الحواريون قالوا لعيسى عليه السلام: يا روح الله من الناصح لله؟ قال: الذي يقدم حق الله على حق الناس. انظر الفتح (1/138).
كلام أئمة أهل العلم في حديث النصيحة العظيم
وقال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم (ص 10): "ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث"، وذكر منها حديث النصيحة". وقال أيضا ( ص77): "هذا الحديث أحد الأحاديث التي يدور عليها الفقه، وقال الحافظ أبو نعيم: هذا الحديث له شأن عظيم، وذكر محمد بن أسلم الطوسي أنه أحد أرباع الدين".
معنى النصيحة
(قال الخطابي: النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للنصوح له، وهي من وجيز الكلام بل ليس في الكلام كلمة مفردة تستوفى بها العبارة عن معنى هذه الكلمة.
قال النووي: بل هو وحده محصل لغرض الدين كله لأنه منحصر في الأمور التي ذكرها فالنصيحة لله وصفه بما هو له أهل والخضوع له ظاهرا وباطنا والرغبة في محابه بفعل طاعته والرهبة من مساخطه بترك معصيته والجهاد في رد العاصين إليه.
والنصيحة لكتاب الله تعلمه وتعليمه، وإقامة حروفه في التلاوة وتحريرها في الكتابة وتفهم معانيه وحفظ حدوده، والعمل بما فيه وذب تحريف المبطلين عنه.
والنصيحة لرسوله تعظيمه ونصره حيا وميتا، واحياء سنته بتعلمها وتعليمها، والاقتداء به في أقواله وافعاله ومحبته ومحبة أتباعه.
والنصيحة لائمة المسلمين إعانتهم على ما حملوا القيام به، وتنبيههم عند الغفلة وسد خلتهم عند الهفوة، وجمع الكلمة عليهم ورد القلوب النافرة إليهم، ومن أعظم نصيحتهم دفعهم عن الظلم بالتي هي أحسن. ومن جملة أئمة المسلمين أئمة الاجتهاد، وتقع النصيحة لهم ببث علومهم ونشر مناقبهم وتحسين الظن بهم.
والنصيحة لعامة المسلمين الشفقة عليهم، والسعي فيما يعود نفعه عليهم وتعليمهم ما ينفعهم، وكف وجوه الأذى عنهم، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه). انظر فتح الباري (1/138).
فإذا كان هذا شأن النصيحة في دين الإسلام،
فأرجو من إخواني عدم التضايق من كثرة النصح لهم
وأقول لأختنا الكريمة