تقرير حديث طازج
2007ديسمبر19/
10 من ذى الحجة 1428 هـ /الأربعاء
الأرض علي مشارف كارثة بيئية
بقلم : منتصر أبو الحجاج
وكيل وزارة المحليات بالأقصر سابقا
تقرير دولي جديد يدق ناقوس الخطر ويحذر من أن الاحترار الكوني يسخن القطب الشمالي بمعدلات تصل الي ضعف معدلات زيادة درجة حرارة بقية الكوكب. وهو أمر ينذر بعواقب وخيمة أقلها اختفاء أنواع وارتفاع منسوب مياه البحار والمحيطات.
والتقرير الجديد الذي صدر تحت عنوان تقييم تأثير المناخ القطبي خلاصة جهود ضخمة ودراسات متنوعة ومتعددة استمرت أربع سنوات وشارك فيها فريق دولي من250 عالما.. وقام بتمويل الدراسة مجلس القطب الشمالي وهو منتدي يضم وزراء الدول الثماني التي تتقاسم القطب الشمالي البالغة مساحته30 مليون كيلو متر مربع( وهي الولايات المتحدة وكندا وروسيا والدنمارك وإيسلندا والسويد والنرويج وفنلندا وست منظمات غير حكومية تمثل السكان الاصليين في المنطقة الي جانب اللجنة العلمية الدولية للقطب الشمالي وهي منظمة علمية دولية أنشأتها اكاديميات العلوم الوطنية في18 بلدا. ونظرا لطول الفترة الزمنية التي استغرقها اعداد التقرير والدراسات العلمية المرتبطة به والمراجعات الصارمة التي خضع لها بسبب الحساسية السياسية للقضايا التي عالجها والتنقيحات الكثيرة التي أدخلت عليه فإنه بعد الدراسة الأكبر والأكثر دقة وتفصيلية للكيفية التي يغير بها الاحترار الكوني الطبيعة والحياة في منطقة شديدة الحيوية بالنسبة لكوكبنا.
بولاريس نجم الشمال يكاد يقع مباشرة فوق القطب الشمالي وتتجمع حوله النجوم التي تكون معا مانسميه مجموعة الدب الأكبر وتعبير أركتيك الذي تسمي به منطقة القطب الشمالي مشتق من الكلمة اليونانية التي تعني بلاد الدب الأكبر.
وتتكون منطقة القطب الشمالي في كوكبنا من محيط واسع تحيطه اليابسة علي النقيض من منطقة القطب الجنوبي التي هي عبارة عن قارة من اليابسة المغطاة بالثلوج يحيط بها محيط واسع والسمة السائدة في القطبين هي الجليد والثلوج التي تغطي معظم اليابسة والمحيط في القطبين.
ويلعب القطبان دورا بالغ الأهمية في استمرار الحياة علي الأرض وفي الحفاظ علي التوازن الطبيعي والبيئي لكوكبنا وفي القطب الشمالي الذي يسمي أرض شمس منتصف الليل تعكس الطبقة الجليدية التي تغطيه أشعة الشمس ومع ذوبان المزيد من الثلوج القطبية نتيجة لارتفاع درجة حرارة الأرض تقل كمية الاشعاع الشمسي التي تعكسها الثلوج وبدلا من ذلك يتم امتصاصها من خلال المحيطات واليابسة وهو مايعني المزيد من الارتفاع في درجة حرارة الأرض الأمر الذي يعني مزيدا من ذوبان ثلوج القطبين وكذلك المزيد من ارتفاع درجة حرارة الكوكب ومن هنا تنطلق الحلقة الجهنمية.
وقد كانت التحذيرات التي أطلقها تقرير تقييم تأثير المناخ القطبي مفزعة وتشير تقديراته الي أن ارتفاع درجة حرارة القطب بضعف ارتفاع درجة حرارة الأرض سيعني انها ستقفز بنهاية القرن بين أربع وسبع درجات مئوية وهو تقدير يزيد مرتين علي توقعات تقارير الأمم المتحدة علما بأن درجة حرارة سيبيريا وألاسكا قد ارتفعت مابين درجتين وثلاث درجات مئوية منذ خمسينات القرن العشرين.
وتوقع التقرير إنه مع نهاية القرن الحادي والعشرين سيختفي بحر الجليد المحيط بالقطب الشمالي في فصل الصيف فضلا عن اختفاء معظم الغطاء الجليدي في جرينلاند علما بأن الغطاء الجليدي قد تقلص بنسبة تتراوح بين15 و20 في المائة خلال الأعوام الثلاثين الأخيرة وسيعني حدوث هذا اختفاء كائنات مثل الدببة القطبية من الوجود تماما.
والحقيقة أن تأثير الاحترار الكوني يلقي بتأثيراته السلبية الآن علي سكان القطب الشمالي ويشهد القطب الشمالي بالفعل بعض التغيرات المناخية تسارعا في كوكبنا ومن المتوقع أن تستمر تأثيرات تغير المناخ علي المنطقة والعالم باسره في التصاعد في السنوات القليلة القادمة وفيما يلي بعض الاشارات المفزعة الواردة في تقرير تقييم تأثير المناخ القطبي.
المناخ القطبي يزداد احترارا ومن المتوقع ازدياد الارتفاع في درجة حرارته.. من المتوقع أن تؤدي التركيزات الكونية المتزايدة لثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري الأخري الناتجة عن الأنشطة البشرية ـ اساسا حرق الوقود الأرضي ـ الي رفع درجة حرارة القطب الشمالي بين4 و7 درجات بحلول نهاية القرن الحالي.
أما التغيرات من قبيل زيادة معدلات ذوبان الجليد والأنهار الجليدية وفصول الشتاء والأطوال والادفأ وتقلص الغطاء الجليدي فتستمر لقرون قادمة.
ذوبان الغطاء الجليدي سيستمر بمعدلات كبيرة من المتوقع أن تتراجع الطبقة الجليدية البحرية في القطب الشمالي بنسبة50 في المائة علي أقل تقدير بحلول نهاية القرن بينما توقعت بعض النماذج الرياضية اختفاء الطبقة الجليدية البحرية تماما وهو ماسيؤدي إلي عواقب وخيمة علي الكائنات الحية التي تعيش علي الجليد مثل الدببة وحيوان الفقمة وعلي الناس والمجتمعات التي تحيا في المنطقة والأسوأ من هذا أن ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي ربما تؤدي إلي ذوبان الغطاء الجليدي في جرينلاند ليسهم في رفع المستوي الكوني لسطح مياه البحار بمعدلات متزايدة وإذا ذاب جليد جرينلاند وحده فإنه قادر علي المدي البعيد علي رفع منسوب المياه في البحار بنحو سبعة أمتار( نحو23 قدما).
وستترتب علي الاحترار القطبي وعواقبه تبعات كونية خطيرة.. سيؤدي ذوبان الثلوج الي امتصاص الأرض والمحيطات للمزيد من اشعة الشمس وبالتالي المزيد من الارتفاع في درجة حرارة الكوكب وسيؤدي ذوبان الأنهار الجليدية وجريانها نحو المحيط الي تدفق المزيد من المياه العذبة الي المحيطات.
الأمر الذي سيؤدي بدوره الي رفع المستوي الكوني لسطح البحر( من المتوقع أن يؤدي ذوبان الجليد الي رفع منسوب البحار بمعدل نحو عشرة سنتيمترات بحلول نهاية القرن) بما يعنيه ذلك من غمر المزيد من اليابسة بالمياه واختفاء العديد من الجزر وربما الي ابطاء الدورة المائية للمحيطات التي تنقل الحرارة من المناطق الاستوائية الي القطبين وبالتالي احداث خلل في المناخ الاقليمي والكوني
ومن المرجح أن يؤدي المزيد من الاحترار الكوني الي احداث خلل في دورة انبعاث وامتصاص غازات الاحتباس الحراري من التربة والنباتات والكائنات الحية.وستنتقل منطقة الغطاء النباتي القطبية نحو الشمال لتزيل من الوجود بيئات طبيعية والكائنات التي تعيش فيها: سيؤدي الاحترار القطبي الي تغير الخريطة النباتية في المنطقة مع انتقال الغابات القطبية الي الشمال نحو الجو الأكثر برودة وزحف نباتات تنمو في جو أكثر دفئا الي مناطق الغابات الحالية, الأمر الذي سيعني المزيد من الاختلال في دورة الغازات وانبعاثاتها في مناخ الأرض واختفاء بيئات طبيعية وأنواع كثيرة من الكائنات الحية.
والاحترار القطبي سيؤدي الي تغيير تنوع الانواع الحيوانية وبيئاتها الطبيعية وتوزيعها: سيؤدي ذوبان الغطاء الجليدي الي تقلص هائل في البيئة البحرية التي يعتمد عليها في حياته الدب القطبي وحيوان الفقمة القطبية والعديد من الطيور البحرية وستتعرض حيوانات الرنة والوعول والغزلان القطبية والعديد من الحيوانات الأخري التي تعيش علي اليابسة لضغوط متزايدة مع تأثير تغير المناخ علي مصادر غذائها ومواطن تكاثرها وطرق هجرتها. وستنتقل العديد من أشكال الحياة القطبية نحو الشمال وستختفي أخري من الوجود بينما ستقوم أنواع حية أخري بغزو المناطق القطبية الأكثر دفئا الأمر الذي ينطوي علي مخاطر متعددة بما في ذلك ظهور أمراض غريبة علي المنطقة.ان ارتفاع مستويات الأشعة فوق البنفسجية سيؤثر سلبا علي الانسان والحيوان والنبات
ومن غير المتوقع أن يحدث تحسن كبير علي طبقة الأوزون فوق القطب الشمالي علي الأقل في العقود القليلة القادمة اساسا بسبب تأثير غازات الاحتباس الحراري علي درجة طبقة الاستراتوسفير وبالتالي فمن المتوقع أن تظل مستويات الأشعة فوق البنفسجية مرتفعة في القطب الشمالي خلال العقود القادمة وهو مايعني أن الجيل الحالي في المنطقة سيلتقي كمية من الأشعة فوق البنفسجية تزيد بنحو30 في المائة عن أي جيل سابق ومن المعروف أن الأشعة فوق البنفسجية المرتفعة تسبب سرطان الجلد والمياه البيضاء في العين فضلا عن اختلالات جهاز المناعة.
والاختلالات الأرضية ستؤثر علي الأبنية والنقل ومرافق البنية التحتية الأخري وستضطرب الصناعة وحركة النقل الأرضي بما في ذلك استخراج النفط والغاز ونقلهما بسبب طول فترة ذوبان الطرق والممرات والأرض وقصر الفترة التي تتجمد
فيه.
المصدر
http://massai.ahram.org.eg/Index.asp?CurFN=menb1.htm&DID=9435