((إنَّ أحدكم يُجمع خلقُهُ في بطن أُمِّه أربعين يوماً، ثم يكون في ذلك
علقة مثل ذلك، ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك، ثم يرسل الملك فينفخ فيه
الروح ويؤمر بأربع كلمات تكتب:
رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد. فوالذي لا إله غيره إنَّ أحدكم ليعملُ
بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ فيسبق عليه الكتاب
فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها، وإنَّ أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما
يكون بينه وبينها إلا ذراعٌ فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها)) وهذا لفظ مسلم.
و لذلك لم يميز لنا سبحانه من اهل الجنة او النار الا اعمالهم ، فقال (يعملون بعمل اهل الجنة) او (يعملون بعمل اهل النار)
أى فعلهم واختيارهم
وسبق وشرحنا معنى يكتب وكذلك يسبق عليه الكتاب أى يحدث ماهو معلوم منه عند الله مسبقاً ..
لذلك ليس السؤال الحقيقي هنا، لما العمل؟؟ بل السؤال .. ماذا اعمل لاكون ممن يعلم الله تعالى عنهم انهم من اهل الجنة؟
نربطه بالحديث **
وعن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يقال للرجل من أهل
النار يوم القيامة: لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتدياً به؟ قال:
فيقول نعم. فيقول قد أردت منك ما هو أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم
أن لا تشرك بي شيئاً، فأبيت إلا أن تشرك بي".
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم : (( ما منكم من أحد إل وقد كتب مقعده من
النار ومقعده من الجنة )) قالوا : يا رسول الله أفنتكل على كتابنا وندع
العمل ، قال : (( اعملوا فكل ميسر لا خلق له – وأما من كان من أهل السعادة
فسييسر لعمل أهل السعادة وأما من كان من أهل الشقاوة فسييسر لعمل أهل
الشقاوة))
وغيرها من روايات عديدة تحمل نفس المعنى الذى أشرنا إليه .
كل ميسر لما خلق له أى لما عُلم وكتب له بعلم الله الأزلى
نربط تلك الجملة بقوله تعالى
" فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى "
يقول الطبرى :
وقوله : { فسنيسره لليسرى } يقول : فسنهيئه للخلة اليسرى , وهي العمل بما يرضاه الله منه في الدنيا , ليوجب له به في الآخرة الجنة .
هل يُفهم من هذا ياإيمان أن الله لم يجعل له إختيار بدليل قول الطبرى يوجب؟؟
لا بل يجب علينا أن ننظر للاّيات قبلها
فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى
أعطى واجباته واتقى نواهيه وصدق بخلة الله فيسره الله للخير بإختيار منه لفعل الخيرات وترك المنكرات طاعة لله .
**************
تدبر **
( لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ" وقوله تعالى: " ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا"
لن تطاع إلا بإذنك، ولن تعصى إلا بعلمك
فكله تحت إحاطة علمك ومشيئتك فتركت العبد يختار .
رواية مهمة **
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم((حاج موسى ءادم عليهما السلام فقال له: أنت الذي
أخرجت الناس بذنبك من الجنة وأشقيتهم، قال ءادم: يا موسى أنت الذي اصطفاك
الله برسالته وبكلامه، أتلومني على أمر قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني؟))قال صلى الله عليه وسلم ((فحج ءادمُ موسى)).
فى اى باب تجدها ؟؟؟
فى كتاب القدر شرح صحيح البخارى
وجاء فيه
وقال الخطابي في معالم السنن يحسب كثير من الناس ان معنى القضاء والقدر
يستلزم الجبر وفهر العبد ويتوهم ان غلبة ادم كانت من هذا الوجه وليس كذلك وانما معناه الاخبار عن اثبات علم الله بما يكون من افعال العباد وصدورها عن تقدير سابق منه فإن القدر اسم لما صدر عن فعل القادر..
-----------
ومعنى قوله فحج آدم موسى دفع حجته التي الزمه اللوم بها قال ولم يقع من
آدم إنكار لما صدر منه بل عارضه بأمر دفع به عنه اللوم قلت ولم يتلخص من
كلامه مع تطويله في الموضعين دفع للشبهة الا في دعواه انه ليس للآدمي ان
يلوم مثله على ما فعل ما قدره الله عليه وانما يكون ذلك لله تعالى لأنه هو
الذي امره ونهاه
======
وقال القرطبي :انما
غلبه بالحجة لأنه علم من التوراة ان الله تاب عليه فكان لومه له على ذلك
نوع جفاء كما يقال ذكر الجفاء بعد حصول الصفاء جفاء ولأن اثر المخالفة بعد
الصفح ينمحي حتى كأنه لم يكن فلا يصادف اللوم من اللائم حينئذ محلا انتهى
والا مامعنى قول الله تعالى أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا
الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ
؟
ومعنى وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ؟
****************
" قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ "
هذه نزلت فيمن يعبدون الله على حرف إذا زوجدوا مطر وخير وذرية يقولون هذه
من عند الله وإذا أصابهم جدب وموت وهزيمة يقولون هذه من عند محمد لاتباعنا
دينه فأنزل الله قل كل من عند الله أى الابتلاء بالأخذ والعطاء يسير فى
البر والفاجر والمسلم والكافر ..
" وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ "
فى تفسير الجلالين:
والنصر من عند الله يكون بالسيف ويكون بالحجة .
ولكن يا إيمان أحياناً وكثيراً ينتصر الظلم والشر فى الحروب !!
هذا للمؤمنين ابتلاء "إن تنصروا الله ينصركم" ليعودوا إليه وللكافرين مد فى الطغيان" ويمدهم فى طغيانهم"
قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ
فلو شاء الله لجعلنا مجبورين مكروهين على الطاعة بلا قدرة ولا إختيار
يقول الطبرى :
يقول : فلو شاء ربكم لوفقكم أجمعين للإجماع على إفراده بالعبادة والبراءة
من الأنداد والآلهة والدينونة , بتحريم ما حرم الله وتحليل ما حلله الله ,
وترك اتباع خطوات الشيطان , وغير ذلك من طاعاته . ولكنه لم يشأ ذلك ,
فخالف بين خلقه فيما شاء منهم .
فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا
أى اختار طريق الحق والصواب
يقول الطبرى :
وقوله : { فمن شاء اتخذ إلى ربه مآبا } يقول : فمن شاء من عباده اتخذ بالتصديق بهذا اليوم الحق , والاستعداد له , والعمل بما فيه النجاة له من أهواله { مآبا } , يعني : مرجعا .
بعد ماسبق من شرح لمشيئة الله ومشيئة العبد والقدر وما عرفناه من شرع
وواقع يتأكد لدينا إثبات المشيئة للعبد بها يختار فعل الخيرات أو المنكرات
*********
أخيراً
أنت مخير فى كل ماستحاسب عليه
فلا يوجد عبد مجبور على طاعة أو معصية
فالله عدل لا يعذب بما أكره عليه العباد
" إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"
فكل ما بيدك أن تفعله أو لا ستحاسب عليه يحسنة تتضاعف كرما ً أو سيئة تتوب
إلى الله منها فتمحى وتبدل بحسنة أو لا تتوب فتأخذ عقابك عليها .
فلا تتكل على علم الله بأفعالك وتقول مكتوب فهو مكتوب معلوم لا إجبار عليك مافيه بل اختيار منك لابد أن يتحقق .
" قد أفلح من زكّها وقد خاب من دسّاها "
*****************
كتبته أختكم في الله :
إيمان عبد الفتاح
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته